الحسيمة - بقلب مدينة الحسيمة، وبالضبط بالقرب من الشريانين الرئيسيين والقلبين النابضين للمدينة، شارعي عبد الكريم الخطابي ومحمد الخامس، يتواجد مسجد غينيا الذي يعتبر بحق صرحا روحانيا ومعماريا متميزا.
ويعتبر هذا الصرح الديني والروحاني محجا ومقصدا للعديد من المصلين الذين يفدون إليه بكثافة من داخل وخارج مدينة الحسيمة لأداء صلاة الجمعة والصلوات الخمس بخشوع وسكينة وطمأنينة، بالنظر لسهولة التنقل والوصول إليه، والأجواء الروحانية الخاصة التي يتسم بها.
وقد افتتح هذا المسجد لأول مرة في وجه المصلين في شهر رمضان من سنة 1967 ميلادية وكان عبارة عن مسجد صغير آنذاك تحت مسمى "مسجد السدراوي"، قبل أن يطلق عليه جلالة المغفور له الحسن الثاني سنة 1969 اسم "مسجد غينيا" تيمنا بالعلاقة المتميزة والراوبط الأخوية المتينة التي كانت تجمع بين المملكة المغربية وجمهورية غينيا، وكذا تزامنا مع انعقاد القمة الإسلامية الأولى في الرباط سنة 1969.
وفي سنة 1976 خضع هذا الصرح الديني لعملية توسعة هي الأولى من نوعها تحت إشراف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وبنفقة منها، قبل أن تشمله توسعة عملية أخرى جديدة سنة 1983.
ولعل الحدث الأبرز في تاريخ هذا الصرح الديني، الذي تبلغ مساحته الإجمالية نحو 1600 متر مربع، هو أداء أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس صلاة الجمعة فيه، في شهر يونيو 2013، وإعطاء جلالته تعليماته السامية لإعادة بنائه بكلفة إجمالية تناهز حوالي 15 مليون درهم، تحت إشراف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، حيث انتهت الأشغال بتاريخ 26 ماي 2017 وجرى افتتاح المسجد في شهر رمضان الأبرك.
وظل هذا المسجد واحدا من أكبر مساجد إقليم الحسيمة، تخلد فيه المناسبات الدينية والوطنية ومسابقات حفظ وتجويد القرآن الكريم، إلى حين بناء مسجد محمد السادس بالمدينة، الذي دشنه أمير المؤمنين في يوليوز 2008 ومنذ ذلك الحين أصبحت تقام فيه مختلف الأنشطة والمناسبات الدينية.
وروعي في بناء مسجد غينيا الحفاظ على الطراز المعماري المغربي الفريد بكل تجلياته، والزخرفة المغربية الأصيلة التي تتميز بالنقش على الخشب والزليج البلدي والجبص.
وتتوفر هذه المعلمة الدينية على قبة خشبية تتوسط المسجد أنجزت بدقة وحرفية عالية، ونوافذ طويلة تتميز بالعراقة وتأخذ شكلا مميزا، ومحراب مزركش ومزخرف نقشت عليه آيات قرآنية.
وازدادت جنبات المسجد رونقا وبهاء بثريتين كبيرتين من النحاس وعشرات المصابيح التقليدية النحاسية، والسواري المكسوة بالزليج البلدي المغربي التي أضفت لمسة فريدة ورونقا وجمالية خاصة على المسجد.
ويضم مسجد غينيا العديد من المرافق من بينها قاعة للصلاة خاصة بالرجال وأخرى مخصصة للنساء، ومكتبة خاصة بالأوقاف تباع فيها الكتب والمنشورات والمجلات العلمية والدينية التي تصدرها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، بالإضافة إلى كتاب قرآني لتحفيظ الذكر الحكيم وقاعة خاصة بأنشطة النساء.
كما يتوفر هذا الصرح الديني، المحاط بالعديد من المحال التجارية والخدماتية والقريب من عدد من المصالح والإدارات العمومية، على سكن للإمام وصومعة ومقصورة للإمام ومرافق صحية للرجال والنساء.
وما يميز هذه المعلمة الدينية عن غيرها، هو توفرها على مصعد كهربائي، لتسهيل إيصال الجنائز إلى مكان الصلاة على الموتى، ومصعد أخر يستعين به ذوو الاحتياجات الخاصة الراغبين في أداء الصلاة.
والأكيد أن مسجد غينيا، بحمولته ورمزيته التاريخية الكبيرة ونفحاته الدينية العطرة وطرازه الهندسي والمعماري الفريد، سيظل على الدوام مصدر فخر واعتزاز لساكنة الحسيمة.