الإيمان بالملائكة ركن من أركان الإيمان الستة. كما في قوله تعالى:" آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ [البقرة : 285] وفي الحديث الصحيح عندما سأل جبريل عليه السلام الرسول صلى الله عليه وسلم عن الإيمان، فقال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره..."

ومعنى الإيمان بالملائكة، أي: التصديق بوجودهم. وأنهم عباد لله تعالى، وهم مخلوقات لطيفة نورانية قادرة على التشكل بأشكال مختلفة حسنة، شأنها الطاعة، لا يوصفون لا بذكورة ولا بأنوثة. (1)

عن عائشة رضي الله عنها قالت ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم ."(2)

وإذا كنا لا نعرف على وجه التفصيل جميع الأعمال التي يقوم بها الملائكة فإن القرآن الكريم أرشدنا إلى بعض منها وهي:

• إبلاغ كلام الله وحكمه إلى عباده المرسلين قال تعالى:" نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ [الشعراء : 193،194] والموكل بهذه الوظيفة هو جبريل عليه السلام .

• حمل العرش : وقد أشار القرآن الكريم إلى أن عدد الذين يحملونه ثمانية من الملائكة ، قال تعالى :" وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ [الحاقة : 16].

• رعاية الجنة وأهلها: قال تعالى: " وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ [الزمر : 70]"

• القيام بشؤون النار وأهلها: قال تعالى:" وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا...ِ [المدّثر: 27،30]

• مراقبة عمال المكلفين وتصرفاتهم وإحصاؤها في كتاب مبين: ويقوم بهذه الوظيفة ملكان أطلق عليهما القرآن الكريم صفتي رقيب وعتيد قال تعالى:" إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق : 17/18] .

• المحافظة على حياة الإنسان في مختلف مراحل حياته: ويسمى المكلفون بهذا الأمر بالمعقبة والحفظة، قال تعالى " لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ [الرعد : 12]، وقال أيضا : "وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً [الأنعام : 62]

• قبض الأرواح: قال تعالى:" قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ [السجدة: 11. وقول جل شأنه:" وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ [الأنعام : 62]

أما الصفات الأساسية للملائكة فهي:

• العبودية المطلقة لله تعالى: قال تعالى:" يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ [الأنبياء : 20]".

• الالتزام الفطري بأوامره تعالى، قال تعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم : 6].

• أن لهم أجنحة مثنى وثلاثة ورباع، قال تعالى:" الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [فاطر: 1]

• على الرغم من كون الملائكة مخلوقات غير مرئية فإن الله تعالى منحهم القدرة على التشكل و الظهور بمظهر الأجسام الكثيفة المختلفة الحسنة.(3)
----------------------------------------------
[1] شرح جوهرة التوحيد الباجوري ص 293
[2] صحيح الإمام مسلم كتاب الزهد والرقائق حديث رقم 2996
[3] كبرى اليقينيات الكونية، محمد سعيد رمضان البوطي ص: 273